أخبارثقافة

الجزء الثاني من مسلسل حوار الاجيال


سيناريو وحوار :جمال الدين العزلوك

الموظف الكهل يبدو أنه في بداية الخمسينات. رجل أتعبته الحياة القاسية والشيب يملأ رأسه. يمسك مقص شيشة ويعيد تنظيم الجمرات وهو يتمتم ثم يصيح بأعلى صوته على عامل الشيشة:
الموظف:النرجيلة ليست جيدة وحالة الجمرات سيئة اجلب لي جمرات صغيرة جديدة.
عامل الشيشة : اذهب الى قاعات الشاي الفاخرة في البحيرة 1 والبحيرة 2 او حي النصر … واطلب نرجيلة ب 52 دينارا او أكثر هناك ستجد فحم جيد وخدمات ممتازة ولا تأتي الى هنا.ما الذي يدفعك الى المجيء وانت تأتي كل يوم ولا تعجبك الجيراك ثم تجلس لمدة ست او سبع ساعات وتترك الكسكاس أسود كالفحم …
لما سمع الموظف سعر نرجيلة في بعض قاعات الشاي الفاخرة يبلغ سعر الشيشة هناك 52 دينارا انتفض واستغرب وجن جنونه قائلا:
الموظف: كيف أذهب الى قاعة شي لاقتناء نرجيلة بسعر 52دينارا واترك نرجيلة ب أربعة دنانير أنتم أصدقائي وهذه المقهى هي بيتي وملاذي في الصيف والشتاء اقضي الاوقات المرحة واستمع للأغاني القديمة ام كلثوم وفيروز وفريد الاطرش واتذكر ريعان شبابي . انا لا أملك المال لسداد فاتورتي الماء والكهرباء. وجرايتي لا تتجاوز 400 دينار وأنا اشتغل حارس في مؤسسة عمومية ولدي اربعة أبناء جميعهم عاطلين عن العمل…
وهو يتحدث تدخل شاب في المقهى قائلا :
الشاب:”امش أحرق يا حاج” هاجر ولا تبالي واترك تونس ستعيش في هناء وسعادة في القارة العجوز وستندم على العمر الذي قضيته بين جدران هذه المقهى التعيسة
الموظف: الشباب والكهول يختلفون في طريقة التفكير الشباب اندفاعي لا يفهم الحياة ونحن الكهول لدينا الخبرة في الحياة …وأنتم تنظرون الى قشرة البيضة ونحن ننظر إلى البيضة من الداخل…
الشاب:دعك من الحديث الذي لا يسمن ولا يغني من الجوع وانزل من برجك العاجي إلى الواقع المعيشي في تونس.فكر في مستقبل أبنائك وعائلتك فتونس بلد لا يطيب فيه العيش ولا يوجد مواطن شغل للشباب. وشيوخ وعجائز في الإدارات والشباب الذي قام بالثورة عاطلين عن العمل.
لما سمع الخمسيني لفظ “ثورة”ضحك وقال ساخرا:
الخمسيني :ثورة البراوطية عن أي ثورة تتحدث؟ خسرنا الرئيس بن علي. وحكم تونس بعد ثورة الجوع والتعاسة لصوص وخونة واأحزاب انتهازية. ففي عهد بن علي كان الفقير يأكل اللحم والغلال ويجد الشغل والإعانات …لكن بعد الثورة حتى الأثرياء في تونس لا يستطيعون شراء لحم الضأن والغلال وما لذ وطاب…
الشاب:أنت شخص متناقض تارة تدعو الشباب الى عدم المجازفة والهجرة السرية لأنك تدعي أن اوروبا ليست اوروبا التسعينات والثمانيات وتؤكد أن أوضاع المهاجرين هناك مزرية جدا .وفي نفس الوقت تقول أن تونس قبل الثورة أفضل بكثير وتنتقد الأوضاع الاجتماعية…لو أتيحت لي الفرصة سأهاجر في مركب الى اوروبا .وأنا أجمع المال …
الموظف:بلادي وان جارت عليا عزيزة واهلي وان ضلموني كرام…لن تجد أفضل من تونس ولن تجد في اوروبا سوى الاستغلال والجوع والعطش والمعاناة لانك لاجئ غير شرعي.
يتبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى