ثقافة

موسم الجز بالجنوب

كل سنة في مثل هذه الأيام بداية شهر أفريل الذي يشهد ارتفاعا في درجة حرارة الطقس في ربوع الجنوب الشرقي النائية بسهول وصحاري تطاوين وبن ڨردان ومدنين يهرع الفلاحون إلى جمع العدة والعتاد خبز طازج ومواد غذائية ومسحوق النفة والمياه المعدنية… ويتصلون بأمهر الرجال وأقوى الشباب لجز الأغنام. السواد الأعظم من مربي الأغنام في تطاوين على سبيل المثال لا الحصر يلجؤون إلى استئجار رجال ماهرين في جز النعاج والأكباش والماعز لكي تستعد لاستقبال فصل الصيف الحار ولكي يزيد وزنها.وبالتالي يسهل بيعها في أسواق الدواب ودكاكين المجازر. الجميع في موسم الجز يرددون أغاني وأهازيج من التراث الشعبي الجنوبي في غبطة وسرور يقيدون الشاة ويشرعون في الجز ويتجنبون جرحها أو قرصها بالجلم أو المقص الكبير الذي يكون حادا.وبعد الانتهاء من جز الحيوان يفكون الحبل وتتجه مسرعة إلى مربضها. وأما النسوة فيشرعون في الغناء وإعداد لقمة الغداء ويقسمن الأدوار بينهن. فهذه تقطع اللحم الطازج وتلك تنظف الأحشاء (الدوارة). ويفضل الكثير ذبح الجدي اليافع لأن لحمه سريع الطهي ولذيذ عكس لحم باقي الأغنام.ومن بين الأدوار النسائية أيضا إعداد الشاي وتقديم وجبات شهية لحلاقي الدواب من قبيل البسيسة والشاي والزميطة والعيش الساخن اللذيذ والملثوث…علاوة على غسل الخضار والأواني وجمع الصوف وشعر الماعز وحث همم الرجال وسط مناخ صحراوي هادئ وحار ولا تغيب عنه الشمس. منتصف النهار يتجمع الرجال مع بعضهم ضمن حلقات والنساء في مجموعات لتناول وجبة الغداء كسكسي باللحم. يشرع الجميع في التهام الكسكسي الشهي وشرب العصير أو المشروبات الغازية والماء البارد. بعد ذلك تجمع الفتيات أواني الأكل ويتم توزيع كؤوس الشاي الأخضر أو الأحمر استعدادا للجز من جديد. أما الشيوخ فيجلسون بجانب الحلاقين ولا تخلو الأجواء البهيجة من الأشعار الشعبية والحكم وتقديم معلومات إضافية عن الرعي والدواب وتربية الأغنام وكيفية الجز بإتقان شديد. وقبيل كل صلاة يترك الجميع العمل ويملؤون قوارير الماء من الفسقية أو الماجن للوضوء والصلاة. ولا يمكن أن ننسى ضجيج وصراخ الأطفال الصغار الذين يلعبون غير عابئين بنداءات الآباء والأمهات بالصمت والتوقف عن الضجيج. وفي المساء بعد تناول العشاء وشرب الشاي تذهب النساء الى مضاجعهن ويجلس الرجال للسمر والحديث عن الجز ولعب الورق وسرعان ما يخلدون الى النوم للنهوض باكرا.

جمال الدين العزلوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى